لماذا تشهد بعض البلدان نموا سريعا في الدخل، بينما تبقى أخرى غارقة في الفقر؟. لماذا تعاني بعض البلدان ارتفاعا في معدلات التضخم بينما تحافظ أخرى على أسعار مستقرة؟. لماذا تشهد كل البلدان نوبات متكررة من التراجع والركود (فترات متكررة لتراجع المداخيل وارتفاع البطالة)؟، وكيف يمكن للسياسات الحكومية التقليل من وتيرة وحدة هذه النوبات؟. الاقتصاد الكلي (دراسة الاقتصاد ككل) يسعى (تسعى) إلى الإجابة عن هذه التساؤلات، وعديد التساؤلات الأخرى ذات الصلة بها.

على الرغم من أن مهمة صنع السياسة الاقتصادية تقع على عاتق قادة العالم، إلا أن مهمة شرح آلية عمل الاقتصاد ككل تقع على عاتق خبراء الاقتصاد الكلي. إزاء ذلك، يقوم خبراء الاقتصاد الكلي بجمع البيانات عن المداخيل، الأسعار، البطالة، وعديد المتغيرات الأخرى، خلال فترات زمنية مختلفة، وعن بلدان مختلفة؛ ليحاولوا –بعد ذلك- صياغة نظريات عامة لشرح وتفسير هذه البيانات. فعلى خلاف علماء الفلك –مثلا- الذين يدرسون حركة النجوم والكواكب، أو علماء الأحياء (البيولوجيا) الذين يدرسون تطور الجينات، لا يستطيع علماء الاقتصاد الكلي إجراء تجارب مضبوطة في المختبرات. بدلا من ذلك يتعين عليهم الاستفادة من البيانات التي يوفرها لهم التاريخ. وفي هذا الصدد يلاحظ خبراء الاقتصاد الكلي أن الاقتصادات تختلف من بلد لآخر، كما أنها تتغير مع مرور الزمن. توفر هذه الملاحظات الدافع لتطوير نظريات الاقتصاد الكلي، وكذا لتطوير البيانات واختبارها.

لفهم الواقع الاقتصادي، يستخدم الاقتصاديون النماذج، التي هي عبارة عن نظريات مبسطة توضح وتفسر العلاقات الرئيسية بين المتغيرات الاقتصادية. ويبني الاقتصاديون النماذج الاقتصادية –التي تتكون من مجموعة من الرموز والمعادلات- للمساعدة في تفسير المتغيرات الاقتصادية، على غرار: الناتج الداخلي الخام، التضخم، والبطالة؛ إذ توضح النماذج الاقتصادية –في كثير من الأحيان- العلاقات بين المتغيرات الاقتصادية رياضيًّا، حيث يتم التعبير عن العلاقات بين المتغيرات محل الدراسة من خلال الدوال؛ والدالة هي عبارة عن أداة رياضية (مفهوم رياضي)، توضح كيف ترتبط متغيرة ما، بمتغيرة أخرى أو مجموعة من المتغيرات. تعدُّ النماذج مفيدة لأنها تساعد على الاستغناء عن التفاصيل غير ذات الصلة بالظاهرة أو الموضوع محل الدراسة، مع التركيز على الروابط الأساسية.